مكانة الامة الاسلامية
سرُ اليقظة
سيد عقيل إقبال
باحث في جامعة عليكرة الاسلامية
قسم اللغة العربية
ان أمة الإسلام لها في الزمان مكانتها فهي خيرَ أمةٍ أخرجت للناس على مر التاريخ. قال تعالى:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران : 110]
هذه حقيقةِ الأمة وقيمتها، وهذه رُتبتها ومكانتها، هذه الامةُ أخرجت لتكونَ لها السيادة، والقيادة، وتكونَ على القمم وشهيدةً على الأمم . قال تعالى: { وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة : 143].
هذه الأمةُ لها دورُها الخاص، ومقامُها الخاص ولها على ذلك كله حسابٌ خاص. أمةُ الاسلام الاصل ان لها مركز القيادةِ الذي لا يؤخذُ إدعاءً، ولا يسلّم إلا لمن يكونُ لهُ أهلا، والامة تعرف يقينا ان لهذا المركزِ تبعاتُه وواجباتُه.
هذه الأمة هي التي جعلها اللهُ شامةً في جبين الزمان كما جعلها خاتمةَ الأمم، وجعل رسولَها خاتم الرسل، ونبيها خاتم الانبياء. بل وجعلها شهيدةً على الناس ناطقةً بالكتاب، عاملة بالسنة وارثةً للحق خليفةً في الأرض. كلم شهدائها بلا تُرجمان، وقاتلت معها ملائكةُ الرحمن يومَ التقى الجمعان.
كل هذا فقط لانها أمةُ أحمديةَ الملة، صديقية الايمان, عُمريةَ الحكم، عثمانية الحياء, علوية القضاء, صلاحيةُ الجهاد، دينية الجيش, مدنية العيش. العمائم تيجانها, والدروع حيطانها, والسيوف سيجانها, والشعر ديوانها, دستوُرها كتابُ الله، وإمامُها حبيبُ الله، وقبلتُها بيتُ الله، ومآبها جنتُ الله.
امة الاسلام هي الامة التي لم يجعلِ اللهُ لها نهجا ولا سمتا إلا الإسلام , وهي الامة التي لم يجعلِ الله لها رسما ولا إسما إلا الإيمان. ولهذا يقول المولى جلا وعلا: { هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ }[الحج : 78].
ولان الامة كانت تدرك أن هذه هي مكانتها ورتبتها في جبين التاريخ تنبه علمائها ودعاتها ومعهم أبنائها الاحرار وبناتها الحرئر وقاموا بتصحيح المسار ومراجعة الذات واخذوا يبحثون عن مواطن الخلل ومكامن الفساد ونقاط الضعف ويبحثون عن مكانة الامة وقيمتها ورتبتها واحوالها ودورها ومهمتها التي حباها الله تعالى اياها فوجدوا أن من ابناء الامة ممن وصل الى منصة القرار بطريقة او بأخرى قد خان الامانة وزور التاريخ وشوه الحقيقة فقصم ظهرها ومزق وحدتها وتنازل عن اطرافها وباع ثرواتها بثمن بخس بل وأهان ابنائها فمن تكلم قتلوه ومن كتب سجنوه ومن تسيس طردوه ومن تدين حاربوه. حتى ضاع المجد، وضعفُت الامة فهان الناس واستبيحت الاعراض ورخصت الدماء.
بل وقامة دولة إسرائيل في عقرِ دار المسلمينَ ولكن بعد ان تمزق الجسد وتفتت الجسم وتغرب الفكر وطمست الحضارة وسيطرة التبعيةُ الاقتصاديةُ والسياسيةُ.
وتحطم البناءَ النفسي للإنسان المسلم حتى تركزت فيه القابليةُ للهوان، وفقد دورَه الريادي، بل وتشكلت مفاهيم فكرية تكيف وتفلسفُ هذا الواقع الذي فقد السيادةَ بل فقد الإرادة.
واوصلوا الأمةُ إلى هذا الوضع وجربوا عليها مُختلفَ الشعارات البشرية ومزجوا بين الوحي وأحكامِ البشر وسلكوا بها فجَ التغريبِ حتى أوغلت فيه، ووصلت إلى حد الانصياع. وعاشت الأمةُ تغريبا خنق فيها كلَ أصالة وهي تلهثُ وراء التشبهِ ومحاولة التقليدُ واقتفاء الاأثرُ فابتعدت عن هويتِها الأصليةَ وهي تدخلُ جحرَ الضب حتى توالت النكبات وازدادت الهزائمَ المتكررة، والانهيارات المتعددة واستمراء الهوانِ والاستسلام ورأيتَ فئاماً من الناس كثير حالُهم كالذي استهوته الشياطينُ في الأرض حيران، له أصحاب يدعونَه إلى الهدى ائتنا، قل إن هدى اللهِ هو الهدى، وأمرنا لنسلمَ لربِ العالمين.
عندها كان لابد على العلماء والدعاة والمخلصين ان يعملوا ليل نهار لانقاذ الامة من هذا التردي ومن هذا الانهيارولابد من فضح البراقعُ الزائفة والاتجاهات الخاطئة التي أردتها زيتونةً شرقيةً أوغربية، مالت بها يميناً ويسارا.
فخططوا ونظموا وجمعوا وحشدوا واشعلوا جذوةَ الحماسِ وحرروا الافكار ووظفوا الطاقات البشرية من ابنا الامة وصبوها في قالب الاخلاص والعمل الداؤب واعنلوا ثورات الربيع العربي واسقطوا اصنام العمالة ودناصير الحكم وامسكوا بحبال القافلة التي كانت تتخبط ذات اليمين وذات الشمال في البحار الهائجة ليعودوا بها الى مسارها الصحيح وخطها المستقيم.
تحت راية إمام عادل يحب الناس ويحبه الناس يحقن الله به الدماء ويوحد الله به الارض ويرص الله به الصف ويهزم الله به العدو وينشرالله به الدين ويرفع الله به اللواء , قواما لكل مائل، وصلاحا لكل فاسد، وقوة لكل ضعيف، ونصفة لكل مظلوم، ومفزعا لكل ملهوف. يعيد الامة الى سالف مجدها يتخذ لا إله إلا الله؛ منهج حياة في الحاكمية { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة :44